إننا هنا منذ ولادة الموت لقد كبرنا سوياً نعرفه جيداً ويعرفنا حق المعرفة، يحفظ وجوهنا ويربت على أكتافنا الرمادية بالحرب، يفوقنا سعادة ويرقص على وقع القنابل،
لا صوتَ يصدُرُ من بئر غزَّة، ولا تَمدُّوا بعدَ أن أغدقتُم علينا ماءَكُمُ الحامي حَبلَ النَّجاةِ. خِط لنا يا اللهُ شَطرَ أفئِدَتِنا لنفهمَ تمزُّق أحِبائِنا الأَشِدَّةِ على البأسِ،
أُطفِأت أنوار مدينة غزّة، ولم يعد يُسمع صوت الطفولة فيها، وكانت الطائرات التي يحبّونها والتي تشكّل جزءاً من أحلامهم تأتيهم بالموت والفقد، فامتلكت المدينة أسرع طريق إلى السماء،
هي ليست مغامرة أو فعلا خارجا عن الإرادة بسبب نوبة جنون أو حماقة مؤقتة. تعمدنا أن نحتفل بعيد ميلاد صديقتنا "غادة" في دبابة إسرائيلية نصطدم بها في أحد شوارع المدينة.
في مثل هذه الساعات أو أقرب، كان الجندي بكامل عتاده متمترس خلف أطنان الحديد والخوف، يحاول ألا يفكر في أي شيء يلهيه عن دكّ عمارة الحيّ الطويلة، مستلهماً تصميمه هذا على الدمار،
كومة الأفكار والمشاعر هذه التي تتماوج في داخلي وتكبر كحصاد جاء قبل موعده تشعرني أني هـَرمت، سنواتي التسعة عشر لم تعد تكفي لأُبرر للناس صمتي رغم ثرثرتي، حزني والابتسامة، اعتكافي أو اندفاعي المميت نحو الحياة..
كانت الحرب في أيامها الأخيرة، عندما تشعر بالهدوء المُزعج يُعشش في كل زاوية من زوايا الحيّ، البيوت التي تناقلت الأخبار بكافة أشكالها لا أحد يُطلّ من شبابيكها اليوم،
ياسمين ترعْرعت في حدائق اللجوء، وأخذت تنمو و حصتها من ثمر المساعدات الإغاثية المقدمة لمن هم في حالتها، و أخذت تعُد طقطقات كسر الخبز المحطمة تحت أسنانها اللبنية ،