للمرة الأولى منذ خمسة عشر عاماً يعك? ال?لسطينيون على تنظيم انتخابات عامة على ثلاثة مراحل، و?قاً لمرسوم رئاسي صدر ?ي 15 من كانون الثاني للعام الجاري، ح?دد ?يه مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بشكل متتالي، وجاء المرسوم ثمرة لحوارات ?صائلية استمرت طيلة الأعوام الماضية وخاصة بين ممثلي حركتي "?تح" و "حماس".

وتمثل توجهات الأحزاب وال?صائل دوراً رئيسياً ?ي تحديد البيئة الداخلية للانتخابات والظرو? التي تسمح بتطبيق مرسوم الانتخابات حسب الجدول الزمني من خلال تذليل العوائق الكبيرة والمتداخلة والتي تعكسها اعتبارات ال?صائل ال?لسطينية، إذ تعتبر الانتخابات ?رصة للحوار الوطني وتجديد شرعية النظام السياسي ومؤسساته وتحقيق المصالحة والات?اق على طبيعة المشروع التحرري لل?لسطينيين، وإصلاح منظمة التحرير ال?لسطينية وإعادة ت?عيلها كممثل شرعي ووحيد لكل ال?لسطينيين.

وبالنظر للواقع ال?لسطيني، وعلى الرغم من تراجع دور الأحزاب وال?صائل السياسية ال?لسطينية وغياب مواق?ها وعملها ?ي كثير من الأحيان، وخاصة بما يتعلق بانخراطها ?ي قضايا وهموم الشعب ال?لسطيني خاصة الاجتماعية منها وما يتعلق بقضايا النساء والشباب، إلا أن الت?اعلات على الساحة ال?لسطينية لم تنتج أطر بديلة، وما زالت الأحزاب تشكل الإطار المنظم والوحيد للمشاركة السياسية على الساحة ال?لسطينية، وتنبع أهمية الأحزاب وال?صائل كونها الأقدر على تنظيم جماهيرها وتمثيلهم من خلال مشاركتها ?ي تشكيل الحكومة أو الأطر القيادية لمؤسسات منظمة التحرير ال?لسطينية.

المرأة ال?لسطينية والأحزاب السياسية:
تعتبر مشاركة المرأة ?ي الحياة السياسية من أهم عناصر العملية الديمقراطية وتعكس تطور النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمعات المعاصرة، وبالتالي ?إن مشاركة المرأة السياسية إحدى آليات التغيير الديمقراطي ?ي المجتمع لما لها من دور ?ي تغيير البنى الاجتماعية التقليدية والحد من أثرها وخاصة تلك الأنماط التقليدية التي لا تعتر? بدور المرأة ?ي الحيز العام.

و?ي السياق ال?لسطيني انخرطت النساء ?ي العمل السياسي منذ بداية تشكل الأحزاب وال?صائل السياسية، والتي ظهرت لتنظيم العمل الجماهيري لمناهضة سياسات الاستعمار ومقاومة الاحتلال، حيث لعبت المرأة دوراً مهماً ?ي المراحل المختل?ة للنضال ال?لسطيني ضد الاحتلال حتى يومنا هذا، مما أدى إلى تشكل أطر نسوية لدى هذه الأحزاب وال?صائل إيماناً بأهمية مشاركة النساء ?ي العمل السياسي وانخراطها ?ي المشروع ال?لسطيني التحرري.

وعلى الرغم من التضحيات التي قدمتها الحركة النسوية ?ي نضالها ضد الاحتلال والتي كانت بمثابة ثورة على كل أشكال التسلط والقمع والغطرسة أياً كان مصدرها سواء كان الاحتلال أو المجتمع الأبوي، حيث تميز خطاب الحركة النسوية ?ي ?لسطين بتبنيه للقيم الديمقراطية وإعلاء شأن الحريات ومناهضة التمييز كونها حركة تشكلت أهم معالمها ?ي سياق مشروع تحرري تقاطع مع القوى السياسية الديمقراطية والتقدمية، إلا أن ذلك لم ينعكس على تمثيل النساء ?ي الأطر القيادية داخل الأحزاب وال?صائل ال?لسطينية، بل أدى إلى تراجع دورها، وانحسار مشاركتها ?ي إطار تجميلي لا يعكس بالضرورة تضحيات ونضال النساء ال?لسطينيات ?ي سبيل تحررهن ونيل حقهن ?ي تقرير المصير.

ومن المؤكد أنه ?ي ظل سيطرة الثقا?ة الذكورية على عمل الأحزاب وال?صائل، وغياب الآليات الديمقراطية للتغيير وتداول الأدوار القيادية كالمؤتمرات الانتخابية قد عزز من تهميش المرأة ودورها ?ي العمل السياسي، واقتصر على العمل الميداني ?ي الأنشطة وال?عاليات، بالإضا?ة إلى دورها ?ي الحشد الجماهيري، مما يعني غياب قيادة نسوية قادرة على التأسيس لشراكة حقيقية ?ي أطر صناعة القرار وتشكيل برامج سياسية واجتماعية تلبي الاحتياجات المجتمعية وتعكس التغيير ?ي البنى الاجتماعية التقليدية.

وتظهر الاحصائيات تدني مستوى شراكة المرأة ?ي الأطر القيادية للأحزاب وال?صائل وحتى غيابها ?ي بعض الأحزاب والتيارات الإسلامية، ?قد بلغت نسبة تمثيلها 4.7% ?قط ?ي اللجنة المركزية لحركة ?تح، بينما 15% ?ي المكتب السياسي الذي يعتبر أعلى هيئة قيادية لدى الجبهة الشعبية، 21% ?ي المكتب السياسي لدى الجبهة الديمقراطية، و25% ?ي المكتب السياسي لدى حزب الشعب، بينما شكلت أعلى نسبة لدى حزب "?دا" ، وانعدمت مشاركة المرأة لدى الأطر القيادية ?ي حركة المبادرة الوطنية وجبهة التحرير العربية والمكتب السياسي لحركة حماس.

إن غياب الإرادة السياسية لدى الأحزاب وال?صائل ال?لسطينية بشأن تعزيز مشاركة المرأة، شكل تحدياً مهماً للحركة النسوية، خاصة ?ي ظل تراجع جماهيرية الأحزاب طوال سنوات الانقسام السياسي، و?قدان قدرتها على تجديد ن?سها وبالتالي تجديد برامجها السياسية والاجتماعية وطرح بدائل قد تكون أكثر حداثة وتناسقاً مع تطلعات الشعب ال?لسطيني، أدى ذلك إلى عزو? مكونات الجمهور ال?لسطيني عن الانخراط ?ي الأحزاب ومنها النساء، مما أثار تساؤلات عن مدى تمثيل الأحزاب للجمهور ال?لسطيني وبالتالي مدى الشرعية التي تتمتع بها خاصة ?ي ظل إقصاء مكونات مجتمعية كاملة كالنساء والشباب.

و?ي ظل التحضيرات الجارية لعقد الانتخابات التشريعية القادمة، صدر قرار بقانون بشأن تعديلات على قانون الانتخاب?ت (1) لسنة 2007، شمل شرطاً أن تتضمن كل قائمة انتخابية حداً أدنى لتمثيل النساء وأن لا يقل عن امرأة واحدة من بين أول ثلاثة أسماء ?ي القائمة، والأسماء الأربعة التي تلي ذلك، ومن ثم كل خمسة أسماء تلي ذلك . ورغم هذا التعديل الا إنها ما زالت دون المأمول كونها غير مرتبط بنسبة كوتة نسائية محددة تضمن لهن عدد معين من المقاعد داخل أروقة المجلس التشريعي.

و?ي السياق ذاته، ?إنه لا تستجيب للمطالبات النسوية على مدى السنوات السابقة، والتي دعت لر?ع الكوتة النسوية إلى 30%، وذلك لضمان الحد الأدنى لوصول النساء للمستويات القيادية ?ي مكونات النظام السياسي ال?لسطيني، ?ي ظل عدم قدرة المرأة المستقلة على تحقيق اختراق مجتمعي لقبولها كشريك سياسي،  لذا ?إن ?رص النساء لل?وز تتمثل ?قط ?ي القوائم الحزبية الكبيرة، مما يعني تحمل الأحزاب وال?صائل مسؤوليتها تجاه النساء من خلال تمكينهن بالتمثيل السياسي وتو?ير الأرضية اللازمة للتغيير الديمقراطي الذي يقع على عاتق الأحزاب والمكونات السياسية ال?اعلة على الساحة ال?لسطينية.

إن واقع الحال يشير إلى أن الجهود التي بذلت خلال السنوات السابقة لتمكين النساء القيادات ?ي أحزابهن

أرشيف فلسطين الشباب