كلام الغائب

  • قيس مصطفى

أنا قيس مصطفى ابن ثلاث غيمات ونجمتين. ولست ابن أحد. رأيت البحر أزرق ورأيت الأشجار خضراء،

ورأيت دمي أحمرَ، ورأيت الإسفلت أسود، وسمعت نبض قلبي في ليالي الخوف. هنا جثة تمكث في الحلم. وهناك مشى النعش، ورشّت نساء طيبات ماء بارداً أمام حملته. البدو في الموت موَّاتون، وجنادب ترمي نفسها في النار. يرقصون ويتحلقون على مأتم لمائدة تعتمر بالنار.  لم أر وجه قاتل أخي، ولم أعف عنه. لكني نذرت عينيه لرمد الإله. وقلت أيها القاتل تعال لنقتسم تبغاً وخمراً ونسوّي مسألة الدم. قميصه المقلّم يشي بالصرخة، وأمنياته تستنهض العشب الأخضر في مقابر عشوائية يجهل فيها الأموات موتهم. ثم إن امرأة ملثمة في ليل، دفنت طوطماً في القبر، وبكت أمي، وبكينا، الميّت والطوطم. كلّ من قتلني وشعبي سيحيا في الألم. ماذا يريدون من موتي، هل يشترون لعنة روحي، بالذبائح والأناشيد.

 

2

إن كنتِ من عدمٍ فمنْ جعلَ خصركِ بهذا القدرِ من الاستدارةِ؟ من ثَنى أَصابعَ قدميكِ ليفردها على فرسخٍ ومئةَ ألف عقدةٍ بحريَّةٍ؟ وإنْ كنتِ من سُلالةٍ فما الذي جعلَ لعينيكِ وقعَ الخُطا أو خفَّة الأصابعِ؟ وفي أي جيلٍ ستخلَقينَ ثانيةً لآتيكِ صحراويَّاً مثلما أنا؟ صَحراويَّاً وأحملُ في قلبي مُدنَاً لبلاد مجهولةٍ. آتيك صحراويَّاً بالقطاراتِ وبشركاتِ النَّقل الدَّاخلي. آتيك بليراتٍ قليلةٍ وقلبٍ كثير. ‏أنا بائع اليانصيب الذي باع الورقة الرابحة. ولم يحمد أحداً على شيء. جئت لهذا العالم خاسراً كلّ شيء ورابحاً كل السفرجل.

3

أود لو يكون ما أقوله قصيدة عن امرأة تلبس بروتيلاً أبيضاً وبنطالاً من الجينز الأزرق على البحر الأبيض المتوسط.

البحر الذي في كأس ماء.

ثمَّ في صورة أخرى تضحك ببلوزة حمراء أو تمسك بخصلة من الشعر إمعاناً في الغواية، وفي غفلة تطلّ تحت الطلب بأخرى زرقاء ثم تتعرى في مخدع سري وتنتفض من رقادها مثل أغنية قديمة.

كلما قلت إني وجدت السندريلا. أتلقى صفعة بكندرة نسائية مستعملة. أفق يا ولد إنها واحدة من أخواتها.

4

كم أكره نفسي كي أحبها بغتة، والسرير الوحيد في الغرفة الوحيدة في الطابق الرابع ليس مريحاً بما يكفي ليكون أرجوحة للرغبة والبكاء.

أرشيف فلسطين الشباب