في داخلي مدينة فيها حَـارات وقُصص، وجارةٌ تَتَـوارى خِلسةً خَـلف سِـتارة شُـباكٍ يُـطل على سِر بَـيتٍ وَشِجـارٍ مُحتَمل.
على نَـاصية المُـنعطف بائِـعة ورد تُشبه بِـشعرها الغَجر وَبـِرَنـةِ أَسوارِها نَغمٌ لا يَمل الحَياة ولا يَكِل.
أَما ذَاك العَـجوز المُهَندم كُلمَّا مَــررتهُ صَـباحاً، يُـومئ لـي بِـرأسهِ مُبتَسماً، فَــتَحمرُ وَجنتاي فرحاً وما يَلبث يَـنظر هوَ للأرضِ وفي جَريدته يختبئ.
في ذاك الحَقل المُمتد بَـساتِين مِـن لــوز، قـمح وزَيتون يَصبُ حول حَدقتي لونًا كالزَيت البِكر.
وَشَجر بُـنٍ رائِحتهُ تَـعبقُ مِني، لَـُربما كُـلما حـَادثت من أُحبهم، مِنها أدمنوا حَديثي وَثَــرثرتي.
وَفيها بَـــائع كَـعكٍ وَزَعترٍ، كُـلما صَـافَحتهُ، وَدارت كَفي لِلشمسِ سَـطع فيها سَـطرٌ، أنني ها هُنا في القدس مَـولدي، وهذا دُستورُ مدينتي وهَذا حَقي المنزلِ.
وَفي مدينتي قَبرٌ لروح دَرويش، زاوية قائمة لكوفيةٍ، نَبعٌ من نَهر دِجلة يوم تلون بحبرٍ من الكتب، زَهرُ يَــاسمينٍ يَـسبح مع السُٓــحب وَ بينهُ تلتقي مئذنةٌ وَجَــرس.
فـي مـدينتي لا حـرب، لا فِتن، ومن يَـدخل فـيها عليه الأمن والسِلم. مدينتي التي أحلم بها.