الدول التي سادت في المجتمعات العربية الإسلامية سواء كانت قديما أم حديثا من الدولة الأموية وحتى هذا الوقت كانت ومازالت
تدار من قبل طبقات تعتبر نفسها "مالكة" وجدت من مصلحتها أن تُحكم سيطرتها على الشعب باسم الدين الذي شُكلَ وصُنع من قِبَلهم، والذي أصبحنا نحن ضحاياه قبل أن نصبح ضحايا أنظمة عفنة وحكام مهترئين أوصلونا إلى هذا المشهد المبتَذل والمعتم، فكان الدين الناتج من قبل الطبقة الحاكمة والمالكة بمثابة مشَرع قوي لنظامْ الجهل والاستبداد وشَرعه، الاستبداد بتفرعاته الكثيرة الاستبداد الفكري، الاستبداد الديني، الثقافي، الاقتصادي..الخ. ومن خلال عوامل كثيرة كان من أبرزها هذا "الدين المرتبط بالسلطة" رضخنا لقوانين وأعراف وتقاليد اجتماعية طُبعتنا بطابع رجعي متخلف بأقنعة متأدينة، والتحمنا بكيان الجهل والتخلف وضيق الفكر وافتقرنا للمساحة الفكرية اللازمة لبناء الأمم والشعوب المتقدمة.
كشاب بسيط يحاول أن يتأمل ويفكر، أرى ضرورة إحداث ثورة على القائم والموروث في الفكر الديني، ثورة على الدين المزيف، ثورة على شرعية وشرع نظام التزييف والاستبداد والجهل القائم، وذلك للخروج من مربعْ الضيق الذي يمارس ويتم بإسم "الشرع والدين" حارس الجهل والأنظمة ومنصبها الأبدي، ثورة على الخطاب الدعوي والفكر القائم، ثورة وتجديد على الفكر نفسه؛ فأسوء ما في الأمر أن يكون نمط التفكير والتعاطي السائد مؤيد أو لامبالى من قبل المجتمع، وذلك بدعم قوي جدا من الجهل السلطة الأكبر، فمن المحزن أن ترى خرائب المدن ومن المحزن أكثر أن ترى خرائب الآدميين. ثورة على مجتمع التقاليد والغيبيات "والتواكل" والاستسلام، ثورة على حياة الحشرة التي رضت عن نفسها.. الحشرة ذات الهموم الشخصية لا البشرية الإنسانية الفكرية، ثورة على جميع التفاسير والأفكار الموروثة وثورة على جميع الدراسات الاجتماعية والدينية الكلاسيكية والتقليدية التي زادت الطينة بلة، ثورة ضمن رؤية جديدة وقراءة جديدة منعشة لدين مرهق لكثرة الأمراض والبكتيريا التي أصابته، ثورة ضد كل البنى التقليدية التي زُججْنا بها بإسم الدين و بإسم العرف المنبثق منه، ثورة على الإرهاب الديني والفكري والثقافي والاجتماعي الذي كان و مازال يُمارَسْ علينا، ثورة ضمن قراءة جديدة للفهم والاستيعاب والتقدم، ثورة حقيقية شكلا ومضمونا لضرورة التحرر من السياج الفكري المنغلق ، السياج الذي لَجمَ العقول و كَبلَ الخطوات وخلقَ منا أمة بائسة تتغذى على فضلاتها.