"في هَذا الصباح؛ وحدَتي كَانت كُليَّة. اجتاحتني نَوبةٌ رَهيبة من الضّيق،
وَرُحت أَنتحب بشدّة. بَدا لي أنّ أحزاني تعود للحياة مَرّةً أُخرى. وَأنّ رُوحي تُنتزع منّي مرّةً أخرى. غَير أَنّ ذلك لم يَكن هو ما يُؤلمني وإنما هذا العالم الجديد الذي لم يَعُدْ لِي مكانٌ فيه. ما أبعده عنّي وَمَا أبعَدني عَنّي! لَا أَكَاد أستَطيع التّغلّب على كل هذا الضيق الذي يُثقل صدري في كُلّ صَباح. في كُلّ صَباح. ولو أنّني تَركت نفسي لهواها لَبكيتُ دُون توقّف طيلة العمر. كُل شَيء يُشاركني حزني بصورة خارقة. صرتُ أعتزل الناس ولا أَلفظ إلّا مَا هو ضَروريٌّ من الكلمات. كم أتمنى لو أنني كنتُ عابراً أو خيالاً "لا يُرى" بِالمعنى الحَرفيَ المُطلق لهذه الكلمة. صمتي، كلامي القليل، كل ما بقي منّي، يتجّه نحو اليأس بكل ما فيه من قوّة. ما أشد انجراف مزاجي. ظُلمة لَا تُطاق. أَشعر وَكأنها سكين تَخترق حَتى أَعمق نُقطة في داخلي. يستحيل عليّ القيام بشيء آخر غير التفكير بتاريخ آلامي ونَكساتي. ولا أستطيع أن أمنع نفسي من البكاء المّر. فأنا أجد الحزن في كل مكان دون أن أعثر على الدواء. أُرغم نفسي على تحمّل كل أنواع البؤس. ولو قارنتُ نفسي بشيءٍ ما، لقَارنتها بأَرض مَليئة بالألغام بمجرد أن تَدوس على أيّ جُزءٍ منها تَنفجر. لا مُبالاة لأيّ شيء، وكأنّ قلبي سيفرُّ منّي. أعيش على انتظار لن يأتي. تَجتاحني الذكريات والوقت وما مضى وَتُزعزعني، إلى الحد الذي يَصعب عليّ معه أن أتحدث أيّ كلمة. أَيّ عَذاب يُقارن بِعَذابي هَذا. أَيجدني أَحدهم وَينتشل رُوحي من مَكانها المُظلم؟"
حسناً يا قارئي الحزين، العزيز، أرجو أنني استطعت أن أُعبّر ولو بالضئيل القليل من شعور الحُزن المُفرط في داخلك. يُؤلمني ما أنت به حقّاً، ورغم علمي "أنّنا لا نحيا لنعيش سُعداء. ولا لنجعل غيرنا سعداء". لكن؛ بكل طاقة الحُب، وطاقة الأَمل، التي أَحملُها أُريدُ منك أن تبدأ من جديد بابتسامة وتنسى كُل مَا حَدث وَلا تَنتظر أَن يَحدث شَيء.. ابتسم وامنح نفسك شعور السلام. قل لكل شيء أَحدَث فِي قَلبك وَلو شَرخاً صَغيراً " مَعَكْ .. للمرّة الأخيرةْ".. واهدأ.
"لا تفرح، لا تحزن، فالأمر هيّن فكل ما تُعانيه إلى زوال. فالأمر هيّن"