ضد مجهول

  • ثريا باكير

نبحثُ عن سببٍ؛ لأسماءٍ ارتدناها بحروفٍ ناقصة، نقابله ببحثٍ آخر، عن مدى موتنا في الكلمة، أو ربما موت الكلمة فينا ـ لا ندري ـ لكنها وجوه صغيرة تحتمل لأن تكون مجازاً لمعنى كلمة طفولة.. نتحايل على أنفسنا، نطرق باب السؤال من جديد، يا أنت، أين طفولتي؟  لا أحد بفتح لنا الباب.  نتعثرُ بإجابةٍ تائهة بين السماء و الأرض، في عالمٍ رسمت أباطرته كفاءة النقيض في كل شيء، ما بين صمت موت، وارتداده بصدى الاعتراض.

الجريمةُ كانت هنا، و أصبحت بحكم عادةِ عُرفنا هناك، في بيتٍ دائري أعمدته مرفوعة على نزع الفاعل، مقاعده صامتة، لا تتحرك إلا لممارسة رياضةِ رفع اليد، ربما هو نوع من أدب التخلص! في وسط المكان فتحة صغيرة تحتمل تعليقاتك، و تعليقات جمهور الحياد؛ لترمي وردتين، لطفولة  ماتت، وطفولة تقع على شفير خط الموت.. هكذا سالت حروف كلمة من قاموسنا لتصارع الموت عندما اعتلوا صهوة الكارثة، البطولة فرسٌ تنسج أقدامها خيوط الموت، تضعها إسورة في جيد محرقتنا من عام 1948-حرب الانتصارات في ميادين الإذاعات!- إلى عام حرب المجانية الساخرة  لكلمة "نكسة!" لنمر بغزة 2009.. وشهود في محاكم التشريح البشرية، متمركزون  على مقاعد الانتظار في حضرة "لزوم ما لا يلزم" لتكون شاهدة على الجريمة.

"الجلاد و الضحية" بعين الحدث، لكن شيئاً ضبابياً بعين النكرة يجتاح المكان! فلا نميز "الفاعل من المفعول به" على أن الفاعل دائماً مقدم، رغم كل العبارات والاعتبارات حتى في الدفاع عن نفسه، ولم لا ما دامت مديته مغروسة في رايات صمتنا البيضاء!

وتبقى الصورة ترتعش من شدة الموت، وتأبى إلا أن تتكلم رغم سقوط الضمير في سهو الاعتراض، وسواء عليك أترافعت بحضور من يوبخ التاريخ ولا يستطيع الدفاع عن نفسه! أم تقاعست على كرسي الصمت؛ فجثة طفولتي هي بصمة الشاهد الأول على أوراق القضية، و صمتها يتكلم، لكن عبثاً نحاول وهراءً يقاوم الصمت هيبة الصوت! فالاعتراض سيد الموقف، وسلطان التاريخ؛ المقتول مدان بالمقصلة؛  لتنكل بجسده مشارح التاريخ من جديد؛ لأن الشاهد "حجر" في يده! وترفع القاتل ملكاً على نعش الطفولة، التي جابهته بابتسامة موتٍ أرعدت نشوة الانتصار في جسده، ليرسم بقلمه الأسود ضبابية مسرحياتهم التاريخية المضحكة، التي صنعت تاريخ بطولة قتل الطفولة بنياشين سطوة الاعتراض!

أقلام التاريخ تراوغ، وسطورها غائبة بتيه المعرفة من النكرة، وقاضي التاريخ ينظر بعين المعرفة على الفاعل، ترى من يكون؟ نحن؟ هم؟ أم هؤلاء؟  الزمان و المكان والضحية على منصة الانتظار. لكن الفاعل سيبقى نكرة رغم المعرفة، و القضية رقم 9999 سقطت بتقادمٍ وقيضت ضد مجهول.

 

 

أرشيف فلسطين الشباب