كبرنا ونحن نرى شعارات ورموز للمولين في شوارعنا وعلى أبنيتنا، ولوحات الإعلانات في كل مكان، وقد وصل بنا الأمر لدرجة أننا أصبحنا نخاف أن يأتي يوم تعلق لافتة صغيرة على ظهورنا مكتوب عليها
بتمويل أمريكي أو ياباني أو ذو أي جنسية أخرى. وبعد مخالطة بعض المؤسسات التي تعتاش على المنح والهبات، اكتشفت أنهم ينظرون إلى الممولين على أنهم كنز ثمين، فما أن يُعَرف شخص عن نفسه وانتمائه لمؤسسة أجنبية؛ إلا وتراهم "يفنجرون" عيونهم ويبدؤون بالطلبات وبالشرح عن الوضع السيء والصعب وعن تقصير الجهات الرسمية..الخ. كان بودّي أن أقول (ثور هادا، مش بقرة لتحلبوه!) وقد قلتها بلغة لطيفة لكن سدا.
كثيرون هم من تضرروا بفعل المانحين الذين يتقاسمون المصاريف ويحملون المؤسسات المحلية والجمعيات جزءا من المصاريف، ومن ثم يتركوهم دون تدريب أو حتى دون وضعهم على أول الطريق لإكمال المشاريع وحدهم، فكأنهم يتعمدون جعل الفلسطيني جاهلاً معتمداً عليهم كليّاً، ولا يستطيع أن "يُمشّي" أموره دون مساعدة خبرائهم العظماء! والذين في الحقيقة لدينا مثلهم بل على الأرجح أفضل منهم، لكننا لا نعير الموضوع انتباهاً إلّا بعد وقوع الفأس في الرأس.
أتمنى لو يخرج كثيرون من زاوية الظلام ليدركوا أننا بحاجة لتدريب وتطوير قبل أي شيء آخر، نحن بحاجة لثور قوي جاد بعمله وبانتمائه، لا لبقرة تنتج الحليب فحسب